مواعظ ... لابن الجوزي رحمه الله .
١- فوا عجبًا لمن ضيَّع في الهوى عمرَه، كلما حجَّ في طلب الدنيا حجَّةً أردفها عمرة، تغرُّه فيغتر بزُخرفها وما كلُّ سوداءَ تمرة، وتعجبه لقلَّةِ فَهمِه تلك الحُمرة وهي جمرة، فكيف حاله إذا قلَّ الزادُ وطالت السَّفْرة، ورحل على غير مهادٍ في تلك الحفرة؟
٢- ألَا مشمِّر لجنَّاته، ببذل حياته، زاهدًا في الهوى؛ فإن الهوى مقام البطَّال، لا ميدان الأبطال، فأين البطل وحميَّاته؟
٣- يا ساكن المنزل، تأهَّب للانتقال؛ فحادي الرحيل قد شدَّ الأحمال.
٤- يا عجبًا لمنكر البعث وهو يرى البَذْرَ في باطن الأرض قد مات عطشًا وجدْبًا، فما كان إلا أن نُفخ في صور الرَّعد فصار اليبيسُ رطْبًا.
٥- يا هذا، تتوب بلسانك وتُصِرُّ بقلبك وجَنَانك، فليت شعري من تُخادع؟
٦- فرقة أهل السُّنة ناجية وتَهلِكُ باقي الطوائف، فعليك باتباعهم، فالله الله لا تخالف.
٧- احذروا فخَّ العاجل؛ فالعدوُّ خلف السور، وانظروا سِجنَ الهوى فكم فيه مأسور! أين الأَبْصارُ الصحاح؟ أصبحت بالهوى كلها عُور.
٨- احذروا الخلافَ؛ فإن عقاب العقابِ صيود، ولا تأنسوا بالإمهال؛ فربما مشى العذابُ على رُودٍ، كم أُخذت على غِرتها في غُرتها أُسُود!
٩- زهدوا في الدنيا فألقوا حبلها على غاربها، وعزموا على الطلاق، فإن أعاروها طرفَ الطبع نهض العزمُ للإطباق، وثار وليُّ الاستدراك قائمًا على ساق ﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾ .
١٠- وا عجبًا لمُلفَتٍ عنه وكل خير فمِن عنده، ووا أسفًا لعاصيه لقد أخطأ طريق رشده، ووا خيبةَ مَن يرجو سواه لقد ضلَّ عن طريق سعده.
١١- تالله ما هذه البيوت للثُّبُوت، لا بُدَّ من تقويض الخِيَمِ لسَفَرِ التُّراب.